فصل: الأكراد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: التعريف بالمصطلح الشريف



.ملوك كيلان:

وهم جماعة كل منهم مستقل بنفسه، متفرد بملكه، على ضيق بلادهم وقرب مجاورة بعضهم من بعض والجبل والبحر يحصرانهم: الجبل من جنوبهم والبحر من شمالهم؛ وهو البحر الطبرستاني المسمى حيث هو بالقلزم وليس به، وهو بحر لا يتصل بالمحيط لا بمصب منه ولا بمصب إليه؛ وهؤلاء رسلهم قليلة وكتبهم أقل من القليل.
ورسم المكاتبة إليه: نحو ما يكتب به إلى صاحب حصن كيفا، إلا صاحب بومن فإنه يكتب إليه بالجناب، وهو مثلهم في بقية الألقاب.

.الأكراد:

وهم خلائق لا تحصى وأمم لا تحصر؛ ولولا أن سيف الفتنة بينهم يستحصد قائمهم، وينبه نائمهم، لفاضوا على البلاد، واستضافوا إليهم الطارف والتلاد؛ ولكنهم رموا بشتات الرأي وتفرق الكلمة، لا يزال بينهم سيف مسلول، ودم مطلول، وعقد نظام محلول، وطرف باكية بالدماء مبلول؛ ولهم رأسان كل منهما جليل، ولكل منهما عدد غير قليل؛ وهما صاحب جولمرك، وصاحب عقرشوش.
والكبير منهما الذي تتفق طوائف الأكراد- مع اختلافها- على تعظيمه والإشارة بأنه فيهم الملك المطاع والقائد المتبع، هو صاحب جولمرك؛ وهو صاحب مملكة متسعة ومدن وقلاع وحصون، وله قبائل وعشائر وأنفار. وهو ينسبون إلى عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف؛ وكانت قد انتهت الإمرة فيهم إلى الملك أسد الدين موسى بن مجلي بن موسى بن منكلان. وكان رجلا عظيما نهابا وهابا، تجله ملوك المماليك الجليلة وتعظمه حكام الأردو وصاحب مصر. وإشارته مقبولة عند الجميع. وإذا اقتتلت طائفتان من الأكراد فتقدم إليهما بالكف كفوا، وسمعوا له سمع مراعي لا سمع مطيع. والقائم الآن من بنيه الملك عماد الدين مجلي؛ وهو رجل يحب أهل العلم والفضل، ويحل منهم عنده من أتاه أعظم محل. كتب لي قاضيه إن أخوته من ظهر أبيه هم: عز الدين؛ وزيد الدين؛ وأعمامه: عز الدين شير، وشمس الدين شيخ أمير، والأمير داوود، وحسام الدين. وما منهم إلا وله حكم وتصرف؛ ومرجعهم كلهم إلى الملك عماد الدين صاحب جولمرك.
وأما الثاني فهو صاحب عقرقوش؛ وملوكها الآن من أولاد المبارزكك؛ وكان مبارز الدين كك رجلا شجاعا كريما تغلب عليه غرائب من الهوس فيدعي أنه ولي من الأولياء يقبل النذر؛ وكانت تنذر له النذور تقربا إليه بما تنفق عليه لا اعتقادا فيه فيسر بذلك؛ فإذا أتاه النذر أضاف إليه مثله من ماله وتصدق بهما جميعا. وأهل هذا البيت يدعون عراقة الأصل في الإمرة، وقدم السؤدد في الحشمة، ويقولون إنهم عقدت إليهم ألوية الغمارة وتسلموا أزمة هذه البلاد، وتسنموا صهوات هذه الصياصي بمناشير الخلفاء، وأنهم كانوا لهم أهل وفاء؛ ولهم وفي هذا حكايات كثيرة، وأخبار مأثورة؛ وهم أهل تنعم ورفاهية ونعمة ظاهرة، وبزة فاخرة، وآدر مزخرفة، ورياض مفوقة، وخيول مسومة، وجوارح معلمة، وخدم وغلمان، وجوار حسان، ومعازف وقيان، وسماط ممدود وخوان، وأهل عشرة وأخوان. وموقع بلادهم من أطراف بلادنا قريب والمدعو منهم من الرحبة وما جاورها يكاد يجيب. وملوكنا تشكر لهم إخلاص نصيحة، وصفاء سريرة صحيحة. والقائم فيهم الآن شجاع الدين ابن الأمير نجم الدين خضر ابن المبارز كك؛ ولم يبلغ الآن مبلغ أبيه، ولا أظنه يقاربه ولا يدانيه؛ على أنه قد ملك ملكه، ونظم سلكه.
ورسم المكاتبة إلى كل منهما: أدام الله نعمة المجلس العالي، الأميري، (والألقاب التامة الكاملة).
وأما بقية أمرائهم فجلتهم الأكابر: صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري بالياء. والألقاب من الطبقة الثانية، وما دونها لمن دونهم.
ومما ينبه عليه أن في طرق المارين ومسالك المسافرين من بلادنا إلى خراسان، ومنها إلينا، ينجم في بعض الأحيان أهل فساد يعمدون إلى عميد يقدمونه عليهم فيقطعون السبل ويخيفون الطرق؛ وتطير سمعة عميدهم، وتنتشر في قريبهم وبعيدهم، فيكاتب ذلك العميد من أبواب الملوك، ويضطر إليه لفتح الطريق للسلوك؛ ويكون من غير بيت الإمرة، ولا أهل القديم. وربما هوى نجمه، فانقطع بانقطاع عمره اسمه؛ مثل (الجملوك) الخارج بطريق خراسان، والغرس بالو الخارج فيما يقارب بلاد شهرزور، ومثل الخارجين على (دربند القرابلي). وهؤلاء لا يعرف لأحد منهم رتبة محفوظة، ولا قانون في رسم المكاتبة معروف؛ والشأن فيما يكتب إلى هؤلاء بحسب الاحتياج وقدر ما يعرف لهم من اشتداد الساعد، وعدد المساعد. ولقد كتبنا إلى كل من الجملوك والغرس بالو بالسامي بالياء، وجهزت إليهما الخلع وأتحفا بالتحف.

.أمراء الأتراك:

بالبلاد المعروفة الآن ببلاد الروم، وتسمى الآن ببلاد الدروب؛ وهي البلاد المنحصرة بين بحري القرم- وهو المسمى ببحر نيطش وما ينطش- وفي الغرب إلى الخليج القسطنطيني، وتنتهي متشاملة إلى القسطنطينية، وتسمى اسطنبول: وهي قاعدة ملوك الروم، ومنها تعقد راياتهم وتقوم؛ وتنتهي جنوبا إلى بلاد (ابن لاون) وهي بلاد الأرمن، يحدها البحر الشامي.
وهذه البلاد بلاد متسعة، وهي مفرقة لملوك مجتمعة، وإنما هم لا يطلق عليهم إلا اسم الإمارة؛ ولا انتظام لكلمتهم، ولا اجتماع لجملتهم؛ وأكبرهم صاحب كرميان، وله بينهم وضع محفوظ، ونظام مرعي.
فأما ملوكنا، فأجل من لديهم منهم جماعة بني قرمان، لقرب ديارهم، وتواصل أخبارهم، ولنكاياتهم في متملك (سيس) وأهل بلاد الأرمن، واجتياحهم لهم من ذلك الجانب مثل احتياج عساكرنا لهم من هذا الجانب؛ فمكاتباتنا إلى بنى قرمان لا تكاد تنقطع؛ وأما إلى البقية فأقل من القليلن وأخفى من مرأى الضئيل.
وهم:
الأول: صاحب كرميان: ولم يكتب إليه مدة مقامي بالأبواب السلطانية؛ ويشبه أن تكون المكاتية إليه (بالمقر) نظير صاحب ماردين، لكن بأبسط ألقاب، إذ هي أدعى لاستحسانهم لقلة معارفهم.
وعلى هذا التقدير يكون رسم المكاتبة إليه:
(أعز الله نصر المقر الكريم، العالي، الملكي، الأجلي، العالمي، العادلي، المجاهدي، المؤيدي، المرابطي، المثاغري، المظفري، المنصوري، الفلاني، عون الإسلام والمسلمين، فخر الملوك والسلاطين، نصير الغزاة والمجاهدين، زعيم الجيوش، مقدم العساكر، ظهير أمير المؤمنين.
فإن لم يسمح له بكل هذه المخاطبة، ولم يؤهل لنظير هذه المكاتبة، كتبت له هذه الألقاب مع (الجناب الكريم) وخوطب بالإمارة إن لم يسمح له بالمخاطبة بالملك.
الثاني: صاحب كصطمونية: وكانت آخر وقت لسليمان باشا؛ وكان أميرا كبيرا، كثير العدد، موفور المدد، ذا هيبة وتمنع. ثم مات وورث ملكه ابنه إبراهيم شاه، وكان عاقا لأبيه، خارجا عن مراضيه، وكان في حياته متفردا بمملكة (سنوي)، وهي الآن داخلة في ملكه، ومنخرطة في سلكه.
ورسم المكاتبة إليه: (أدام الله نعمة المجلس العالي، الأميري) (بأكمل الألقاب، وأتم ما يكتب في هذا الباب).
الثالث: صاحب أرمناك: وهو ابن قرمان المقدم الذكر.
ورسم المكاتبة إليه: (أدام الله نعمة المجلس العالي) (بأكمل الألقاب وأكبرها، وأجمعها وأكثرها). ولإخوته أيضا رسوم في المكاتبات؛ فأكثرهم قدرا، وأفتكهم نابا وظفرا، الأمير بهاء الدين موسى، وحضر إلى باب السلطان وتلقى بالإجلال، وأحل في ممتد الظلال، وأورد موارد الزلال، وأري ميامن اسعد من طلعة الهلال. وحج مع الركب المصري وقضى المناسك، وأسبل في ثرى تلك الربى بقية دمعه المتماسك، وشكر أمراء الركب دينه المتين، وذكروا ما فيه من حسن اليقين، وعاد إلى الأبواب السلطانية وأجلس في المرتين مع أمراء المشور، وأشرك في الرأي وسأل السلطان في منشور يكتب له بما يفتح بسيفه من بلاد الأرمن يقاتل بعلمه المنشور، ويجتني من شجر المران جنى عسله المشور، فكتبته له، واستقر رسم مكاتبته نظير مكاتبة أخيه وهو مثله، وشبيه فضله فضله؛ فأما بقية قرمان فدونهما في المكاتبة.
الرابع: صاحب طنغزلو: ورسم المكاتبة إليه: (صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي الأميري).
الخامس: صاحب توازا: وهو في المكاتبة نظير صاحب طنغزلو. اسمه في زماننا (علي أرينه).
السادس: صاحب عيدلي: وهو في زماننا (دندار) أخو يونس صاحب انطاليا. وهو في المكاتبة نظير صاحب توازا.
السابع: صاحب فاويا: وهو مراد الدين حمزة؛ وهو ملك مضعوف، ورجل بمجالس أنسه مشغوف.
ورسم المكاتبة إليه: (صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس السامي الأميري) بالياء.
الثامن: صاحب برسا: وهو أرخان بن عثمان. وهو نظير صاحب فاويا في المكاتبة.
التاسع: صاحب أكبرا: وهو في زماننا دمرخان بن قراشي.
ومكاتبته نظير مكاتبة صاحب برسا.
العاشر: صاحب مرمرا: وهو بخشي بن قراشي.
ورسم المكاتبة إليه: (صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي).
الحادي عشر: صاحب مغنيسيا: واسمه (صاروخان). والمكاتبة إليه: (السامي) بالياء.
الثاني عشر: صاحب نيف: وهو علي باشا أخو صاروخان صاحب مغنيسيا المقدم ذكره. ورسم المكاتبة إليه مثل أخيه المذكور.
الثالث عشر: صاحب بركي: وهو إبن أيدين. والمكاتبة إليه: أدام الله تعالى نعمة المجلس العالي) بالألقاب التامة.
الرابع عشر: صاحب فوكه: وهو أرخان بن منتشا. والمكاتبة إليه نظير صاحب بركي.
الخامس عشر: صاحب أنطاليا: وهو خضر بن يونس. ورسم المكاتبة إليه: (صدرت هذه المكاتبة إلى المجلس العالي).
السادس عشر: صاحب قراصار: واسمه زكريا. ورسم المكاتبة إليه: (هذه المكاتبة إلى المجلس السامي) بلا ياء.

.عظماء الملوك بإيران وتوران وما والاهما من البلاد الشرقية من مجر الفرات إلى مطلع الشمس:

اعلم أن إيران مملكة الأكاسرة؛ وهي من الفرات إلى نهر جيحون حيث بلخ، ومن البحر الفارسي وما صاقبه من البحر الهندي إلى البحر المسمى بالقلزم، بحر طبرستان. وهي المملكة الصائرة إلى بيت هولاكو؛ وقد دخل فيها مملكة الهياطلة، وهي بلاد مازندران وما يليها إلى آخر كيلان؛ وجيلان، وبلاد الجيل؛ وطبرستان واقعة بينهما، أعني بين مازندران وكيلان؛ ومازندران الآخذة شرقا وكيلان الآخذة غربا.
وأما توران فهي: مملكة الخاقانية، كانت في القديم بيد أفراسياب ملك الترك؛ وهي من نهر بلخ إلى مطلع الشمس على سمت الوسط؛ فما اخذ عنها جنوبا كان بلاد السند، ثم الهند، وما اخذ عنها شمالا كان بلاد الخفجاج، وهم طائفة القبجاق، وبلاد الصقلب، والجهاركس، والروس، والماجار، وما جاورهم من طوائف الأمم المختلفة سكان الشمال. ويدخل في توران ممالك كثيرة وبلاد واسعة وأعمال شاسعة وأمم مختلفة لا تكاد تحصى؛ تشمل على بلاد غزنة، والباميان، والغوز، وما وراء النهر (وهذا النهر الذي يشار إليه هو جيحون) نحو بخارى وسمرقند، والصغد، والخوجند، وغير ذلك؛ وبلاد تركستان، وأشروسنة، وفرغانة، وبلا صاغون، وطراز، وصريوم وبلاد الخطا نحو بشمالق والمالق إلى قراقوم (وهي قرية جنكز خان التي أخرجته وعريسته التي أدرجته) ثم ما وراء ذلك من بلاد الصين، وصين الصين. وكل هذه ممالك جليلة، وأعمال حفيلة، وملةكها سلاطين عظام، وملوك كرام، قد أكرمهم الله الآن بالإسلام، وشرفهم بإتباع سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.
فأما مملكة إيران: فكان العهد بها أن تكون لرجل واحد وسلطان فرد مطاع؛ وعلى هذا ضمت الأيام إلى حين توفي السلطان أبو سعيد، فصاح في جنباتها كل ناعق، وقطع رداءها كل جاذب، وتفرد كل متغلب بجانب، فهي الآن نهبى بأيديهم.
فأما عراق العرب، فهو بغداد وبلادها وما يليها من ديار بكر وربيعة ومضر، بيد الشيخ حسن الكبير وهو الحسن بن الحسين بن أقبغا من طائفة النورانيين؛ وكان جده نوكرا لهولاكو بن طولى بن جنكزخان المجرد لقتل الباطنية، فاستولى على إيران بمجموعها. (والنوكر هو الرفيق).
- وأما بقية ديار بكر فهي بيد إبراهيم شاه بن بارنباي بن ثوتاي.
وأما مملكة أذر بيجان، وهي قطب مملكة إيران، ومقر كرسي ملوكها من بني جنكزخان، فهي بيد جنكزخان، وهي بيد أولاد جوبان، وبها ألقان القائم الآن سليمان شاه. ولا أعرف صحة نسبه ولا سياقته بالدعوى.
وأما خراسان فبيد القان طغيتمريار وهو صحيح النسب، غير أني لم أعرف أسماء آبائه.
وأما بلاد الروم فقد أضيف إلى إيران منها قطعة صالحة وبلاد نازحة؛ وهي الآن بيد (أرتنا) وقد نبه على ذلك ليعرف.
وأما رسم المكاتبة إلى القان الجامع لحدودها، والناظم لعقودها- كما كان أبو سعيد- فهو كتاب يكتب في قطع البغدادي الكامل، تبدأ فيه- بعد البسملة وسطر من الخطبة- بالطغرا المكتتبة بالذهب المزمك بألقاب سلطاننا على عادة الطغراوات، ثم تكمل الخطبة وتفتتح ببعدية إلى أن تساق الألقاب وهي: الحضرة الشريفة، العالية، السلطانية، الأعظمية، الشاهنشاهية، الأوحدية، الأخوية، القانية، الفلانية (من غير أن يخلط فيها الملكية لهوانها عليهم وانحطاطها لديهم) ثم يدعى له بالأدعية المعظمة المفخمة الملوكية: من إعزاز السلطان، ونصر الأعوان، وخلود الأيام، ونشر الأعلام، وتأييد الجنود، وتكثير الوفود، وغير ذلك مما يجري هذا المجرى. ثم يقال ما فيه التلويح والتصريح بدوام الوداد، وصفاء الاعتقاد، ووصف الأشواق، وكثرة الأتواق، وما هو من هذه النسبة. ثم يؤتى على المقاصد ويختم بدعاء جليل، وتستعرض الحوائج والخدم، ويوصف التطلع إليها، ويظهر التهافت عليها. وهذا الكتاب تكتب جميع خطبته وطغراه وعنوانه بالذهب المزملك، وكذلك كل ما وقع في أثنائه من اسم جليل، وكل ذي شأن نبيل: من اسم الله تعالى، أو لنبينا (ص)، أو لأحد من الأنبياء والملائكة عليهم السلام، أو ذكر لدين الإسلام، أو ذكر سلطاننا أو السلطان المكتوب إليه أو ما هو متعلق بهما. مثاله: (عندنا وعندكم) و(لنا ولكم) و(كتابنا وكتابكم)، وكل هذا يكتب بالذهب؛ وما سواه يكتب السواد.
فأما العنوان فهو بهذه الألقاب إلا أن ينتهي إلى اللقب الخاص، ثم يدعى له بدعوة أو دعوتين نحو: (أعز الله سلطانها، وأعلى شأنها) أو نحو ذلك، ثم يسمى اسم السلطان المكتوب إليه، ثم يقال (خان) كما كنا نكتب فنقول: (أبو سعيد بهادر خان) فقط، ويطمغ بالذهب بطمغات عليها ألقاب سلطاننا؛ وتكون الطمغات على الأوصال: يبدأ بالطمغة على اليمين في أول وصل، ثم على اليسار في ثاني وصل، ثم على هذا النمط إلى أن ينتهي في الآخر على اليمين. ولا يختم على الطرة البيضاء؛ والكاتب يخلي لمواضع الطمغة مواضع الكتابة، تارة يمنة وتارة يسرة.
وحكام دولة هذا السلطان: أمراء الألوس؛ وهم أربعة، أكبرهم (بكلاري بك) وهو أمير الأمراء، كما كان قطلو شاه عند غازان، وجوبان عند خذابندا ثم عند بو سعيد؛ وهؤلاء الأمراء الأربعة لا يفصل جليل أمر إلا بهم؛ فمن غاب منهم كتب اسمه في اليرالغ، وهي المراسيم كما يكتب لو كان حاضرا، ونائبه يقوم عنه. وهم لا يمضون أمرا إلا بالوزير؛ والوزير يمضي الأمور دونهم، ويأمر نوابهم فتكتب أسمائهم: فالوزير هو حقيقة السلطان، وهو المتفرد بالحديث بالمال والولاية والعزل حتى في جلائل الأمور، كما أن (بكلاري بك) يتحدث في أمر العسكر بمفرده. فأما الاشتراك في أمور الناس فبهم أجمعين، وليس للأمراء في غالب ذلك من العلم إلا ما علم نوابهم.
ورسم المكاتبة إليهم:
(بكلاري بك): أعز الله نصر المقر الكريم.
والثلاثة الذين دونه: أدام الله نصر الجناب.
ويقال لكل منهم (النويني) ومثل هذا مكاتبة (أرتنا) بالروم، وأمير التومان بديار بكر: من سوناي وبنيه وكذلك سائر الأمراء والنوينات وهم أمراء التوامين.
ورسم المكاتبة إلى الوزير: (ضاعف الله نعمة المجلس العالي، الأميري، الوزيري) على عادة مكاتبات الوزراء بألقاب الوزارة؛ فإن لم يكن له إمرة يقال: (الوزيري) ولا يقال: (الصاحبي) لهوانها لديهم. وعادة ما يكتب إلا (بكلاري بك) في قطع النصف، وما يكتب إلى أمراء النوينات والوزير في قطع الثلث.
وأما مملكة توران فهي منقسمة ثلاثة أقسام:. كان آخر العهد بها إلى انقضاء الأيام الناصرية؛ وبها سلطانان مسلمان وسلطان كافر، وهو أكبر الثلاثة، وهو المسمى بالقان الكبير صاحب التخت، وهو صاحب الصين والخطا ووارث تخت جنكزخان؛ ولم يكن يكاتب لترفعه وإبائه، وطيرانه بسمعة آبائه؛ ثم تواترت الآن الأخبار بأنه قد أسلم ودان بدين الإسلام، ورقم كلمة التوحيد على ذوائب الأعلام؛ وإن صح- وهو المؤمل- فقد ملأت الأمة المحمدية الخافقين، وعمت المشرق والمغرب وامتدت بين ضفتي البحر المحيط.
وأما الملكان المسلمان فأحدهما صاحب السراي وخوارزم والقرم ودشت القبحاق؛ وهي المملكة المعروفة ببيت بركة. كان يسمى صاحبها في قديم الزمان- زمان الخلفاء وما قبله- صاحب السرير، وكان صاحبها في الأيام الناصرية: السلطان أزبك خان؛ وقد خطب إليه السلطان فزوجه بنتا تقربا إليه. وما زال بين ملوك هذه المملكة وبين ملوكنا قديم اتحاد، وصدق وداد، من أول أيام الظاهر بيبرس وإلى آخر وقت. والملك الآن فيهم في أولاد أزبك: أما (تني بك) أو (جاني بك)، وأظنها في (تني بك).
ورسم المكاتبة إليه: - إن كتب بالعربي- رسم ما يكتب إلى صاحب إيران كما تقدم، وإلا فالأغلب أن يكتب إليه بالمغلي، وذلك مما كان يتولاه أيتمش المحمدي، وطاير بغا الناصري، وإرغدلق الترجمان، ثم صار يتولاه قوصون الساقي.
وأما الثاني منهما فهو صاحب غزنة وبخارى وسمرقند وعامة ما وراء النهر. وآخر ما استقرت لترما شيرين؛ وكان حسن الإسلام، عادل السيرة، طاهر الذيل، مؤثرا للخير، محبا لأهله، مكرما لمن يرد عليه من العلماء والصلحاء وطوائف الفقهاء والفقراء.
والمكاتبة إليه على رسم مكاتبة صاحب إيران.
وأما القان الكبير: فإن صح إسلامه وقدرت المكاتبة إليه تكون المكاتبة إليه كذلك أو أجل من ذلك؛ وهؤلاء الثلاثة وصاحب إيران أولاد جنكزخان.
دعاء وصدر:
وعرفه قدر ما أنعم به عليه، وسلمه من مفاتيح الأرض من شرقها إليه، وفضله به على ملوك بيته، إذ جعل ذهب الشمس أول ما يصاغ دونهم لتاجه، ودينارها أول ما يقع في يديه؛ ولا زال لربه عبدا شكورا، عارفا بحق أنعمه من قبل أن يكون شيئا مذكورا، منيبا إليه إذا كان الناس إما شاكرا وإما كفورا، ليؤدي بالشكر حق المنعم، ويتقرب إلى الله بما يتقبله منه وإنما يتقبل الله من المسلم.
حضرته العالية مخدومة، وأسرته الزاهية بخواتم القبل مختومة، وعداوة الأعداء بصدق محبته مخصومة، والقلوب لأخبار وداده مصدقة، والبحار بكرمه مصفقة، والركائب بحديثه مشرقة ومغربة، ومبعدة ومقربة. ما انفصل حين، وجمع الناس لملوك مصلحين، فلا يستغرب إذا جمعت الأقطار فرق شعاعها، وضمت شموسها المشرقة في كل صباح فرائد النجوم في خيوط شعاعها، لمحاسنها التي تتألف من نفر، وتقيم الحجة إذا قيل فيها: {إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر}.